بقلم أثرى/أحمد عبد الغنى
فى صعيد مصر توجد أجمل المدن المصرية القديمة والتى كان يطلق عليها اسم تارو -البلد الكبير- أو الأرض القديمة، وفى هذا الإقليم أرسى المصرى القديم حضارة كانت ولازالت من أعظم الحضارات التى عرفتها البشرية جمعاء، حيث امتازت المدينة بموقعها الذى يتوسط صعيد مصر، وتوافرت لديها أكثر المميزات التى تؤهلها لكى تحتل مكانة ذات ثقل تاريخى عريض، وكان أكثر ما يميز تلك المدينة أنها المقر الرئيسى لعبادة الإله أوزير إله العالم السفلى، وهو الإله الذى كان غاية كل المصريين القدماء أن ينعموا معه فى حقول الإيارو (الجنة) وكونها مركزاً لعبادة الإله أوزير جعل منها مقصداً لأهل البلاد على مر التاريخ، وظل أوزير محتفظاً بمكانته لدى الآلهة القديمة بإعتباره إلهاً للموتى، حيث غاية كل متوفى أن يكون بصحبته فى العالم الآخر إلى أن يقرر أوزير مصيره بالجنة أو النار.
وقد سنحت كل الظروف والمعطيات لهذا المكان أن يصبح قبلة المصريين والحكام على حد سواء لأن ينتقل إليه فى الفترة التى سبقت توحيد البلاد، مع إحتفاظ المدينة بمكانتها العليا على مر العصور المتلاحقة كقبلة ومركز للعبادة.
ولعل المؤرخ المصرى القديم –مانيتون- أن يكون من أوائل المؤرخين الذين أولوا تلك المدينة الإهتمام آنذاك فى القرن الثالث قبل الميلاد.
ومن أشهر ما تحويه تلك المدينة الجبانة التى دفن فيها ملوك عظام حكموا مصر فى فترة بداية الأسرات - الأسرة الأولى- وبعض ملوك -الأسرة الثانية-، حيث يوجد بها مقابر تخص هؤلاء الملوك، ومن أكثر ما يميزها وجود معبد خنتى إمنتي على حافة الأراضى الزراعية المؤدية إليها، كما يوجد بها قبر الملك جر أحد ملوك الأسرة الأولى.
وقد تأثرت تلك البقعة الساحرة بعوامل الزمن والزحف العمرانى وعوامل التغير البيئي الذى أثر بالسلب على كنوزها ومبانيها حيث تبقى منها مبنيان يحيط بهما سور من الطوب اللبن شيدا خلال عصر الأسرة الثانية على مقربة من الأرض الزراعية خلف معبد خنتى إمنتيو إله أبيدوس فى العصر القديم.
وسمى أحداهما فى العصور المتأخرة باسم شونة الزبيب وعرفت قديماً بإسم -زبو هبو- أى مستودع طيور أبى منجل، وأطلق على المبنى الثانى القلعة الوسطى.
ومن المرجح أن ذاك المبنيين كانا حصينين للملك -بر اب سين- ثالث ملوك الأسرة الثانية، لحماية عاصمته، أو أنهما كانا معبدين للملك بر اب سين وخع سخموى أو كانا قصرين مؤقتين.
وقد نسبت شونة الزبيب إلى الملك خع سخموى حيث سورت بسورين، وبلغ ارتفاع جدرانها نحو 12 متراً، وتضمن سورها الداخلى دخلات
طويلة عميقة تمتد رأسياً بارتفاع جدرانه.
تقع شونة الزبيب إلى الشمال الغربى من معبد الملك رمسيس الثانى وهى عبارة عن بناء مستطيل الشكل شيدت حوائطه الضخمة من الطوب اللبن، حيث كان الحائط الخارجى لها يستخدم كحصن، ويبلغ سمك الحائط الداخلى 2متر تقريباً وارتفاعه حوالى 12 متراً فى الوقت الحالىً. ومن المحتمل أنه شيد خلال عهد الأسرة الأولى أو الثانية.
وفى عصر لاحق شيدت بداخله حجرات كانت تستعمل كمنازل للحراس المنوطين بحراسة الجبانات من لصوص المقابر، أو أنها كانت توضع فيها المومياء عندما كانت تجلب للتبرك بأوزير.
كما أستخدمت شونة الزبيب فى عصر الأسرة الثانية والعشرين وما بعدها لدفن مومياء الطائر المقدس أبو منجل، حيث عثر على الكثير من مومياوات هذا الطائر داخل حوائط الشونة وكذلك عثر على أوانى فخارية ملونة فائقة الجمال.
ومن أهم الآثار التى نسبت إلى المدينة - قائمة أبيدوس- والتى تعتبر من أهم مصادر التاريخ حيث أنها تضم قائمة لملوك مصر القديمة، ويعتمد عليها الكثير من علماء الآثار فى ترتيب لملوك المصريين، ومن الملاحظ عليها أن الملك سيتى والتى تنسب إليه عمد إلى عدم ذكر بعض اسماء الملوك على اعتبار أنهم غير شرعيين مثل الملكة حتشبسوت، إخناتون، سمنخكارع، توت عنخ آمون، وتبدأ القائمة بالملك مينا وتنتهى بالملك سيتى الأول.
فى أبيدوس بنى الملك سيتى الأول معبداً من أجمل ما ترك هذا الملك حيث يعتبر المعبد من أهم الآثار الموجودة بمنطقة أبيدوس، شيده الملك سيتى الأول وأشرف على القيام ببعض نقوشه ورسوماته وبعد وفاته أتم العمل بالمعبد إبنه الملك رمسيس الثانى.
ويأتى تخطيط المعبد فى المرتبة الأولى التى ميزته حيث يبدأ بالصرح الأول الذى بناه الملك سيتى الأول ويزين جدرانه مناظر لبعض الحروب التى خاضها الفرعون العظيم الملك رمسيس الثانى، ثم الصرح الثانى وبه توجد شرفة سقفها مرفوع بواسطة إثنتى عشر عموداً من الأعمدة المربعة التى نحتت من الحجر الرملى والحجر الجيرى، وقد قام بنقش هذا الصرح الملك رمسيس الثانى أيضاً، وقد شهد هذا الصرح ذكر لأبناء الملك حيث سجل عليه أسماء البنين منهم على يسار الداخل، و البنات على اليمين. ونرى الملك يظهر على حوائط الفناء الثانى وهو يتعبد إلى الكثير من الآلهة والإلهات.
وبداخل المعبد شرفة رفع سقفها بإثنتى عشر عمود مربع من الحجر الجيرى، وقد مثل على الأعمدة الملك مع بعض الآلهة والآلهات المختلفة، ونقش على الجانب الجنوبى من هذه الواجهة رمسيس الثانى بين أوزير وإيزيس ووالده الملك سيتى الأول، ومن خلفه نص يخلد زيارته لأبيدوس فى العام الأول من حكمه وكونه وجد المعبد لم يتم بناءه وأنه أمر بإستكمال العمل بالمعبد.
ويمتد بهو الأعمدة من الشمال إلى الجنوب بحوالى 60 متراً، ومن الشرق إلى الغرب بحوالى 14 متراً وبه أربعة وعشرون عموداً توجت بزهرات البردى، شيدت فى صفوف منتظمة لتؤدى إلى سبعة هياكل لكل من حورس وإيزيس وأوزير وآمون رع وحور آختى وبتاح وهيكل للملك سيتى نفسه، وزينت الأعمدة بمناظر تمثل الملك وهو يتعبد إلى إله الهيكل وباقى المناظر التى نقشت على حوائط البهو شيدها رمسيس الثانى.
ويوجد بهو الأعمدة الثانى الذى شيد على مستويين، وبالبهو ستة وثلاثون عموداً من الحجر الرملى، منها أربعة وعشرون توجت بزهرات البردى، وتركت الأعمدة الأثنى عشر بدون تيجان، وجميع النقوش والرسوم بهذا البهو من عمل الملك سيتى الأول، ما يظهر الفارق الكبير فى الدقة والاهتمام بالتفاصيل فى النقوش بينها وبين النقوش والرسوم التى قام بها الملك رمسيس الثانى فى بهو الأعمدة الأول.
كما يوجد بالمعبد بعض الحجرات التى تقع فى الركن الشمالى الغربى من المعبد خلف حوائط هياكل كل من حورس وأوزير وإيزيس التى تفتح أبوابها على بهو أوزير، وهى عبارة عن حجرتين، كل واحدة منهما تقع فوق الأخرى، ومن المرجح أنه لم توجد بهما فتحات أو منافذ كما لم يتصلا ببعضهما، وبكل من الحجرتين عمودان مستطيلا الشكل من الحجر الرملى.
جدران الحجرة العليا لم تزين بنقوش، وتستند الحجرة العليا على قواعد مستطيلة من الحجر كما يستند السقف الذى صنع من قطعة كبيرة من الحجر الجيرى على كتل من الحجر الرملى، وأغلب أجزاء هذا السقف مفقودة خاصةً من الوسط ومن الغرب.
ولم يكتف الملك رمسيس الثانى بإستكمال معبد أبيه، ومن المعروف أن التاريخ يعتبره من أعظم الملوك وأشهرهم على الإطلاق سواء من الإنجازات الحربية والإقتصادية أو من الإنشاءات المعمارية والتى تتمثل فى العديد من المعابد والتماثيل التى إنتشرت فى جميع أنحاء مصر القديمة بل أنشأ معبداً خاصاً له وهو من المعابد القليلة التى تحتفظ بألوانها زاهية حتى الآن.
ولا يزيد ارتفاع الجزء المتبقى من جدران المعبد عن مترين ونصف بالرغم من أنه لم يتبق منه الكثير حيث تهدم الصرح الأول لهذا المعبد وكذلك الفناء الخاص به، ونجد فى الجانب الجنوبى للفناء الخاص بالصرح الأول بهو الاستقبال، ويقع الصرح الثانى بعد الصرح الأول مباشرة، وقد شيد من الجرانيت الوردى.
ويحتوى المعبد على منظر من أجمل المناظر لإحدى المعارك التى خاضها الملك رمسيس الثانى ضد الحيثيين حيث يظهر ملك حلب بعد سقوطه فى النهر، وأثناء قيام رجاله بإخراجه من النهر لإخراج الماء من جوفه، وهو منكس الرأس إلى أسفل وساقيه إلى أعلى، وبعض من جنوده يحاولون إنقاذ الآخرين من النهر.
أما الفناء الثانى فمحاط من جهاته الثلاث بأعمدة مستطيلة الشكل من الحجر الرملى ويوجد بكل عمود تمثال لرمسيس الثانى وهو على هيئة أوزير.
ونقش بالحائط الجنوبى مجموعة من القرابين عبارة عن غزال وثور يتقدمها عدد من حملة القرابين وهم يدخلون المعبد يستبلقهم ثلاثة من الكهنة، أحدهم يحرق البخور أمام القرابين، والثانى يدون نوع وعدد القرابين المقدمة، بينما الأخير يتسلمها بعصا فى يده.
وبالحائط الشمالى تظهر لدينا عملية الذبح للحيوانات التى تقدم كتضحية وصور الفنان الجزار وهو يقوم بأداء تلك العملية بنشاط وهمة واضحة. كما يوجد مناظر لتقديم بعض الطيور الحية وحيوانات أخرى وثيران.
وفى نهاية الفناء الثانى من الناحية الغربية نجد بهو سقفه محمولاً على ستة عشر عموداً مستطيلا من الحجر الرملى.
وبالحائط الشمالى منظر فقد الكثير من تفاصيله ظهر به الملك وهو يذبح عدوا فى حضره إله من الآلهة، أما الحائط الغربى فيوجد بأسفله منظر موكب يضم إله النيل حعبى وموائد صغيرة يعلوها طعام وشراب، ويلاحظ على الجانب الشمالى أعلام أقاليم مصر السفلى، بينما يوجد على الجانب الجنوبى أعلام مصر العليا.
وبهذا الحائط أربع هياكل صغيرة خُصص الهيكل الأول منها لتقديس الملوك الأوائل، والثانى لآلهة إقليم أبيدوس، أما الثالث فخصص للملك رمسيس الثانى والرابع مخصص للملك سيتى الثانى.
وكان بهو الأعمدة مرفوعاً على ثمانية أعمدة مستطيلة من الحجر الرملى، مصور على الجزء الأسفل من هذه الأعمدة مناظر لإله النيل والأرض المزروعة بمصر، وعلى الحائط الشمالى مناظر لمدينة أبيدوس فى موكب يضم الكهنة، ويقع فى النهاية الغربية لهذا الحائط هيكل صغير كان لإلهة الحرب.
حتى نصل إلى قدس الأقداس والتى شيدت من الجرانيت الوردى، والجزء العلوى منها جدرانه من المرمر والسفلى من الحجر الرملى، ويوجد بالحائط الغربى لقدس الأقداس باب مركب مصنوع من قطع من المرمر نقش عليه بالنقش البارز رمسيس الثانى وهو يحتضن الإله أوزير أما الحائط الجنوبى لقدس الأقداس فبه مناظر تمثل رمسيس الثانى فى حضرة الآلهة حورس وأوزير وإيزيس والملك سيتى الأول.
فى صعيد مصر توجد أجمل المدن المصرية القديمة والتى كان يطلق عليها اسم تارو -البلد الكبير- أو الأرض القديمة، وفى هذا الإقليم أرسى المصرى القديم حضارة كانت ولازالت من أعظم الحضارات التى عرفتها البشرية جمعاء، حيث امتازت المدينة بموقعها الذى يتوسط صعيد مصر، وتوافرت لديها أكثر المميزات التى تؤهلها لكى تحتل مكانة ذات ثقل تاريخى عريض، وكان أكثر ما يميز تلك المدينة أنها المقر الرئيسى لعبادة الإله أوزير إله العالم السفلى، وهو الإله الذى كان غاية كل المصريين القدماء أن ينعموا معه فى حقول الإيارو (الجنة) وكونها مركزاً لعبادة الإله أوزير جعل منها مقصداً لأهل البلاد على مر التاريخ، وظل أوزير محتفظاً بمكانته لدى الآلهة القديمة بإعتباره إلهاً للموتى، حيث غاية كل متوفى أن يكون بصحبته فى العالم الآخر إلى أن يقرر أوزير مصيره بالجنة أو النار.
وقد سنحت كل الظروف والمعطيات لهذا المكان أن يصبح قبلة المصريين والحكام على حد سواء لأن ينتقل إليه فى الفترة التى سبقت توحيد البلاد، مع إحتفاظ المدينة بمكانتها العليا على مر العصور المتلاحقة كقبلة ومركز للعبادة.
ولعل المؤرخ المصرى القديم –مانيتون- أن يكون من أوائل المؤرخين الذين أولوا تلك المدينة الإهتمام آنذاك فى القرن الثالث قبل الميلاد.
ومن أشهر ما تحويه تلك المدينة الجبانة التى دفن فيها ملوك عظام حكموا مصر فى فترة بداية الأسرات - الأسرة الأولى- وبعض ملوك -الأسرة الثانية-، حيث يوجد بها مقابر تخص هؤلاء الملوك، ومن أكثر ما يميزها وجود معبد خنتى إمنتي على حافة الأراضى الزراعية المؤدية إليها، كما يوجد بها قبر الملك جر أحد ملوك الأسرة الأولى.
وقد تأثرت تلك البقعة الساحرة بعوامل الزمن والزحف العمرانى وعوامل التغير البيئي الذى أثر بالسلب على كنوزها ومبانيها حيث تبقى منها مبنيان يحيط بهما سور من الطوب اللبن شيدا خلال عصر الأسرة الثانية على مقربة من الأرض الزراعية خلف معبد خنتى إمنتيو إله أبيدوس فى العصر القديم.
وسمى أحداهما فى العصور المتأخرة باسم شونة الزبيب وعرفت قديماً بإسم -زبو هبو- أى مستودع طيور أبى منجل، وأطلق على المبنى الثانى القلعة الوسطى.
ومن المرجح أن ذاك المبنيين كانا حصينين للملك -بر اب سين- ثالث ملوك الأسرة الثانية، لحماية عاصمته، أو أنهما كانا معبدين للملك بر اب سين وخع سخموى أو كانا قصرين مؤقتين.
وقد نسبت شونة الزبيب إلى الملك خع سخموى حيث سورت بسورين، وبلغ ارتفاع جدرانها نحو 12 متراً، وتضمن سورها الداخلى دخلات
طويلة عميقة تمتد رأسياً بارتفاع جدرانه.
تقع شونة الزبيب إلى الشمال الغربى من معبد الملك رمسيس الثانى وهى عبارة عن بناء مستطيل الشكل شيدت حوائطه الضخمة من الطوب اللبن، حيث كان الحائط الخارجى لها يستخدم كحصن، ويبلغ سمك الحائط الداخلى 2متر تقريباً وارتفاعه حوالى 12 متراً فى الوقت الحالىً. ومن المحتمل أنه شيد خلال عهد الأسرة الأولى أو الثانية.
وفى عصر لاحق شيدت بداخله حجرات كانت تستعمل كمنازل للحراس المنوطين بحراسة الجبانات من لصوص المقابر، أو أنها كانت توضع فيها المومياء عندما كانت تجلب للتبرك بأوزير.
كما أستخدمت شونة الزبيب فى عصر الأسرة الثانية والعشرين وما بعدها لدفن مومياء الطائر المقدس أبو منجل، حيث عثر على الكثير من مومياوات هذا الطائر داخل حوائط الشونة وكذلك عثر على أوانى فخارية ملونة فائقة الجمال.
ومن أهم الآثار التى نسبت إلى المدينة - قائمة أبيدوس- والتى تعتبر من أهم مصادر التاريخ حيث أنها تضم قائمة لملوك مصر القديمة، ويعتمد عليها الكثير من علماء الآثار فى ترتيب لملوك المصريين، ومن الملاحظ عليها أن الملك سيتى والتى تنسب إليه عمد إلى عدم ذكر بعض اسماء الملوك على اعتبار أنهم غير شرعيين مثل الملكة حتشبسوت، إخناتون، سمنخكارع، توت عنخ آمون، وتبدأ القائمة بالملك مينا وتنتهى بالملك سيتى الأول.
فى أبيدوس بنى الملك سيتى الأول معبداً من أجمل ما ترك هذا الملك حيث يعتبر المعبد من أهم الآثار الموجودة بمنطقة أبيدوس، شيده الملك سيتى الأول وأشرف على القيام ببعض نقوشه ورسوماته وبعد وفاته أتم العمل بالمعبد إبنه الملك رمسيس الثانى.
ويأتى تخطيط المعبد فى المرتبة الأولى التى ميزته حيث يبدأ بالصرح الأول الذى بناه الملك سيتى الأول ويزين جدرانه مناظر لبعض الحروب التى خاضها الفرعون العظيم الملك رمسيس الثانى، ثم الصرح الثانى وبه توجد شرفة سقفها مرفوع بواسطة إثنتى عشر عموداً من الأعمدة المربعة التى نحتت من الحجر الرملى والحجر الجيرى، وقد قام بنقش هذا الصرح الملك رمسيس الثانى أيضاً، وقد شهد هذا الصرح ذكر لأبناء الملك حيث سجل عليه أسماء البنين منهم على يسار الداخل، و البنات على اليمين. ونرى الملك يظهر على حوائط الفناء الثانى وهو يتعبد إلى الكثير من الآلهة والإلهات.
وبداخل المعبد شرفة رفع سقفها بإثنتى عشر عمود مربع من الحجر الجيرى، وقد مثل على الأعمدة الملك مع بعض الآلهة والآلهات المختلفة، ونقش على الجانب الجنوبى من هذه الواجهة رمسيس الثانى بين أوزير وإيزيس ووالده الملك سيتى الأول، ومن خلفه نص يخلد زيارته لأبيدوس فى العام الأول من حكمه وكونه وجد المعبد لم يتم بناءه وأنه أمر بإستكمال العمل بالمعبد.
ويمتد بهو الأعمدة من الشمال إلى الجنوب بحوالى 60 متراً، ومن الشرق إلى الغرب بحوالى 14 متراً وبه أربعة وعشرون عموداً توجت بزهرات البردى، شيدت فى صفوف منتظمة لتؤدى إلى سبعة هياكل لكل من حورس وإيزيس وأوزير وآمون رع وحور آختى وبتاح وهيكل للملك سيتى نفسه، وزينت الأعمدة بمناظر تمثل الملك وهو يتعبد إلى إله الهيكل وباقى المناظر التى نقشت على حوائط البهو شيدها رمسيس الثانى.
ويوجد بهو الأعمدة الثانى الذى شيد على مستويين، وبالبهو ستة وثلاثون عموداً من الحجر الرملى، منها أربعة وعشرون توجت بزهرات البردى، وتركت الأعمدة الأثنى عشر بدون تيجان، وجميع النقوش والرسوم بهذا البهو من عمل الملك سيتى الأول، ما يظهر الفارق الكبير فى الدقة والاهتمام بالتفاصيل فى النقوش بينها وبين النقوش والرسوم التى قام بها الملك رمسيس الثانى فى بهو الأعمدة الأول.
كما يوجد بالمعبد بعض الحجرات التى تقع فى الركن الشمالى الغربى من المعبد خلف حوائط هياكل كل من حورس وأوزير وإيزيس التى تفتح أبوابها على بهو أوزير، وهى عبارة عن حجرتين، كل واحدة منهما تقع فوق الأخرى، ومن المرجح أنه لم توجد بهما فتحات أو منافذ كما لم يتصلا ببعضهما، وبكل من الحجرتين عمودان مستطيلا الشكل من الحجر الرملى.
جدران الحجرة العليا لم تزين بنقوش، وتستند الحجرة العليا على قواعد مستطيلة من الحجر كما يستند السقف الذى صنع من قطعة كبيرة من الحجر الجيرى على كتل من الحجر الرملى، وأغلب أجزاء هذا السقف مفقودة خاصةً من الوسط ومن الغرب.
ولم يكتف الملك رمسيس الثانى بإستكمال معبد أبيه، ومن المعروف أن التاريخ يعتبره من أعظم الملوك وأشهرهم على الإطلاق سواء من الإنجازات الحربية والإقتصادية أو من الإنشاءات المعمارية والتى تتمثل فى العديد من المعابد والتماثيل التى إنتشرت فى جميع أنحاء مصر القديمة بل أنشأ معبداً خاصاً له وهو من المعابد القليلة التى تحتفظ بألوانها زاهية حتى الآن.
ولا يزيد ارتفاع الجزء المتبقى من جدران المعبد عن مترين ونصف بالرغم من أنه لم يتبق منه الكثير حيث تهدم الصرح الأول لهذا المعبد وكذلك الفناء الخاص به، ونجد فى الجانب الجنوبى للفناء الخاص بالصرح الأول بهو الاستقبال، ويقع الصرح الثانى بعد الصرح الأول مباشرة، وقد شيد من الجرانيت الوردى.
ويحتوى المعبد على منظر من أجمل المناظر لإحدى المعارك التى خاضها الملك رمسيس الثانى ضد الحيثيين حيث يظهر ملك حلب بعد سقوطه فى النهر، وأثناء قيام رجاله بإخراجه من النهر لإخراج الماء من جوفه، وهو منكس الرأس إلى أسفل وساقيه إلى أعلى، وبعض من جنوده يحاولون إنقاذ الآخرين من النهر.
أما الفناء الثانى فمحاط من جهاته الثلاث بأعمدة مستطيلة الشكل من الحجر الرملى ويوجد بكل عمود تمثال لرمسيس الثانى وهو على هيئة أوزير.
ونقش بالحائط الجنوبى مجموعة من القرابين عبارة عن غزال وثور يتقدمها عدد من حملة القرابين وهم يدخلون المعبد يستبلقهم ثلاثة من الكهنة، أحدهم يحرق البخور أمام القرابين، والثانى يدون نوع وعدد القرابين المقدمة، بينما الأخير يتسلمها بعصا فى يده.
وبالحائط الشمالى تظهر لدينا عملية الذبح للحيوانات التى تقدم كتضحية وصور الفنان الجزار وهو يقوم بأداء تلك العملية بنشاط وهمة واضحة. كما يوجد مناظر لتقديم بعض الطيور الحية وحيوانات أخرى وثيران.
وفى نهاية الفناء الثانى من الناحية الغربية نجد بهو سقفه محمولاً على ستة عشر عموداً مستطيلا من الحجر الرملى.
وبالحائط الشمالى منظر فقد الكثير من تفاصيله ظهر به الملك وهو يذبح عدوا فى حضره إله من الآلهة، أما الحائط الغربى فيوجد بأسفله منظر موكب يضم إله النيل حعبى وموائد صغيرة يعلوها طعام وشراب، ويلاحظ على الجانب الشمالى أعلام أقاليم مصر السفلى، بينما يوجد على الجانب الجنوبى أعلام مصر العليا.
وبهذا الحائط أربع هياكل صغيرة خُصص الهيكل الأول منها لتقديس الملوك الأوائل، والثانى لآلهة إقليم أبيدوس، أما الثالث فخصص للملك رمسيس الثانى والرابع مخصص للملك سيتى الثانى.
وكان بهو الأعمدة مرفوعاً على ثمانية أعمدة مستطيلة من الحجر الرملى، مصور على الجزء الأسفل من هذه الأعمدة مناظر لإله النيل والأرض المزروعة بمصر، وعلى الحائط الشمالى مناظر لمدينة أبيدوس فى موكب يضم الكهنة، ويقع فى النهاية الغربية لهذا الحائط هيكل صغير كان لإلهة الحرب.
حتى نصل إلى قدس الأقداس والتى شيدت من الجرانيت الوردى، والجزء العلوى منها جدرانه من المرمر والسفلى من الحجر الرملى، ويوجد بالحائط الغربى لقدس الأقداس باب مركب مصنوع من قطع من المرمر نقش عليه بالنقش البارز رمسيس الثانى وهو يحتضن الإله أوزير أما الحائط الجنوبى لقدس الأقداس فبه مناظر تمثل رمسيس الثانى فى حضرة الآلهة حورس وأوزير وإيزيس والملك سيتى الأول.